فصل: البلاغة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال محيي الدين الدرويش:

سورة النحل:
مكية.
وآياتها ثمان وعشرون ومائة.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.

.[سورة النحل: الآيات 1- 9]

{أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1) يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاء مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا فَاتَّقُونِ (2) خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3) خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (4) وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دفء وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ (8) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاء لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ (9)}.

.اللغة:

{نُطْفَةٍ} في المصباح: نطف الماء ينطف من باب قتل سال، وقال أبو زيد: نطفت القربة تنطف وتنطف نطفانا إذا قطرت والنقطة ماء الرجل والمرأة وجمعها نطف ونطاف مثل برمة وبرام والنطفة أيضا الماء الصافي قلّ أو كثر ولا فعل للنطفة أي لا يستعمل لها فعل من لفظها وفي المختار أن نطف من بابي قتل وضرب.
{خَصِيمٌ} شديد الخصومة وفيه معنيان أحدهما أنه خصيم لربه منكر على خالقه قائل: {من يحيي العظام وهي رميم} والثاني فإذا هو منطيق مجادل عن نفسه مكافح للخصوم باللدد والجدل والسفسطة وما إلى ذلك من ضروب الوقاحة والشرة وسيأتي المزيد من هذا في باب البلاغة.
{دفء} في المختار: الدفء نتاج الإبل وألبانها وما ينتفع به منها قال اللّه تعالى: {لكم فيها دفء} وفي الحديث: «لنا من دفئهم ما سلموا بالميثاق» وهو أيضا السخونة اسم من دفىء الرجل: من باب طرب وسلم فالذكر دفآن والأنثى دفأى مثل غضبان وغضبى ورجل دفىء بالقصر ورجل دفيء بالمد وفي المصباح: دفيء البيت يدفأ مهموز من باب تعب قالوا: ولا يقال في اسم الفاعل دفيء وزان كريم بل وزان تعب ودفىء الشخص فالذكر دفآن والأنثى دفأى مثل غضبان وغضبى إذا لبس ما يدفئه ودفؤ اليوم مثل قرب والدفء وزان حمل خلاف البرد وفي القاموس: والدفء بالكسر ويحرك نقيض حدة البرد كالدفاءة والجمع أدفاء دفىء كفرح وكرم وتدفأ واستدفأ وادّفأ وأدفأه ألبسه الدفء والدفآن المستدفئ كالدفىء والدفء بالكسر نتاج الإبل وأوبارها والانتفاع بها وما أدفأ من الأصواف والأوبار وقال الزمخشري: والدفء اسم ما يدفأ به كما أن الملء اسم ما يملأ به وهو الدفاء من لباس معمول من صوف أو وبر أو شعر فتلخص أن للدفء ثلاثة معان:
1- ضد البرودة أي السخونة.
2- ما يتدفأ به من الثياب.
3- ما يتحصل من الإبل من نتاج ولبن ومنافع.
{تُرِيحُونَ} تردونها إلى مراحها بالعشي.
{تَسْرَحُونَ} تخرجونها إلى المرعى بالغداة وسيرد المزيد من بحث الاراحة والتسريح في باب البلاغة وفي المصباح: سرحت الإبل سرحا من باب نفع وسروحا رعت بنفسها وسرحتها يتعدى ولا يتعدّى وسرحتها بالتثقيل مبالغة وتكثير.
{بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} بجهدها بكسر الشين وفتحها وهما لغتان في معنى المشقة وبينهما فرق وهو ان المكسور بمعنى النصف كأنه يذهب نصف قوته لما يناله من الجهد وأما المفتوح فهو مصدر شق عليه الأمر شقا وحقيقته راجعة إلى الشق وهو الصدع وفي المختار: الشق بالكسر نصف الشيء والشق أيضا المشقة ومنه قوله تعالى: {إلا بشق الأنفس} وهذا قد يفتح.
{قَصْدُ السَّبِيلِ} القصد: مصدر بمعنى الفاعل وهو القاصد يقال سبيل قصد وقاصد أي مستقيم كأنه يقصد الوجه الذي يؤمه السالك لا يعدل عنه.
{جائِرٌ} حائد عن الاستقامة.

.الإعراب:

{أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ} أتى فعل ماض وأمر اللّه فاعله عبر عن المستقبل بالماضي لأنه بمثابة الأمر الواقع الذي لا محيد عنه، والفاء عاطفة ولا ناهية وتستعجلوه فعل مضارع مجزوم بلا الناهية والواو فاعل والهاء مفعول به. {سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} سبحانه مفعول مطلق لفعل محذوف وتعالى فعل ماض وعما تنازعه كل من سبحانه وتعالى وما يحتمل أن تكون مصدرية فلا تحتاج إلى عائد ويحتمل أن تكون موصولة فتحتاج إلى تقدير عائد وجملة يشركون لا محل لها على كل حال. {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاء مِنْ عِبادِهِ} ينزل الملائكة فعل وفاعل مستتر ومفعول به وبالروح متعلقان بينزل أو بمحذوف حال أي ملتبسة بالروح ومن أمره متعلقان بمحذوف حال وعلى من يشاء متعلقان بينزل ومن عباده حال.
{أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} أن مخففة وهي وما في حيزها بدل من قوله بالروح أي ينزل الملائكة بأن أنذروا وتقديره بأنه أنذروا فاسم أن ضمير الشأن وجملة أنذروا مقول قول محذوف أي بأن الشأن أقول لكم أنذروا ولك أن تجعل أن مفسرة لأن الروح بمعنى الوحي الذي فيه معنى القول دون حروفه وأنه سدت مع ما في حيزها مسد مفعول أنذروا لأنه متضمن معنى أعلموا الناس أو تكون أنذروا على معناها الأصلي وأنه نصب بنزع الخافض أي أنذروا بأنه وجملة لا إله إلا أنا خبر أنه وقد تقدم القول مفصلا في لا إله إلا اللّه، فاتقون: الفاء الفصيحة أي إذا كان الأمر كما ذكر من جريان عادته تعالى بتنزيل الملائكة على الأنبياء وأمرهم بأن ينذروا الناس أنه لا شريك له في الألوهية فاتقون في الإخلال بمضمونه، واتقون فعل أمر وفاعل والنون للوقاية وياء المتكلم حذفت لمراعاة الفواصل. {خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} خلق السموات والأرض فعل وفاعل مستتر والسموات مفعول به والأرض عطف على السموات وبالحق في محل نصب على الحال أي محقا وتعالى فعل ماض وفاعله مستتر تقديره هو وعما متعلقان بتعالى وجملة يشركون صلة لما. {خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} خلق الإنسان فعل وفاعل مستتر ومفعول به ومن نطفة متعلقان بخلق ومن للابتداء فإذا الفاء عاطفة وإذا الفجائية وهو مبتدأ وخصيم خبر ومبين صفة. {وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دفء وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ} الواو عاطفة والأنعام منصوب بفعل محذوف يفسره ما بعده وخلقها فعل وفاعل مستتر ومفعول به والجملة مفسرة ولكم خبر مقدم وفيها حال ودفء مبتدأ مؤخر والجملة حالية ويجوز أن تكون مستأنفة ويجوز أن يكون لكم حالا من دفء وفيها الخبر، وقع الاسم المشتغل عنه وهو الانعام بعد عاطف غير مفصول من الاسم بأما مسبوق بفعل وهو خلق الإنسان من نطفة فترجح نصبه لأن المتكلم عاطف جملة فعلية على جملة فعلية والرافع عاطف جملة اسمية على جملة فعليه وتشاكل الجملتين أحسن من تخالفهما وقد يقال: إن في الرفع تخلصا من تقدير العامل فلكل مرجح فكان ينبغي التساوي لا أرجحية النصب ويجاب بأن مراعاة التشاكل أقوى مما ذكر ومنافع عطف على دفء ومنها متعلقان بتأكلون وتأكلون فعل مضارع وفاعل وتقديم الجار والمجرور وهو معمول للفعل يوجب حصره فيه. {وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ} الواو عاطفة ولكم خبر مقدم وفيها حال وجمال مبتدأ مؤخر وحين ظرف متعلق بمحذوف صفة وجملة تريحون مضاف إليها وكذلك قوله وحين تسرحون وسيأتي مزيد بحث عن الإراحة والتسريح في باب البلاغة. {وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ}.
الواو عاطفة وتحمل أثقالكم فعل مضارع وفاعل مستتر ومفعول به والى بلد متعلقان بتحمل وجملة لم تكونوا بالغيه صفة لبلد وبالغيه خبر تكونوا وإلا أداة حصر وبشق الأنفس في موضع نصب على الحال من الضمير المرفوع في بالغيه أي مشقوقا عليكم. {إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ} إن واسمها واللام المزحلقة ورءوف رحيم خبران. {وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً} والخيل وما بعده عطف على الانعام أي وخلق هؤلاء للركوب والزينة ولتركبوها مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والجار والمجرور في موضع نصب مفعول لأجله وزينة عطف على محل لتركبوها وجر الأول بالجر لاختلاف الفاعل لأن الركوب فعل المخاطبين وفاعل الخلق هو اللّه تعالى أما زينة فهي من فعله تعالى ولذلك نصبت فالمزين والخالق هو اللّه ويجوز أن تعرب نصبا على الحال من الهاء في تركبوها. {وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ} الواو استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة لبيان إحاطته تعالى وقدرته وان ما تناهى إليهم علمه يعد ضئيلا جدا بالنسبة إلى علمه الواسع. {وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ} على اللّه خبر مقدم وقصد السبيل مبتدأ مؤخر ومنها خبر مقدم وجائر صفة لموصوف هو المبتدأ المؤخر أي سبيل جائر أي حائد عن الاستقامة. {وَلَوْ شاء لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ} الواو عاطفة ولو امتناعية شرطية ومفعول شاء محذوف أي شاء هدايتكم واللام رابطة لجواب لو وهداكم فعل وفاعل مستتر ومفعول به وأجمعين تأكيد.

.البلاغة:

1- الإيجاز في قوله تعالى: {حين تريحون وحين تسرحون} فقد انطوت كلمتا {ريحون} و{سرحون} على الكثير من المعاني والصور، مما يضفي على مقتني هذه الأنعام جمالا ورواء وأبهة ليس في المكنة تصوره لأن الرعاة إذا ردوا الأنعام بالعشي إلى مراحها أي مأواها بالليل أو سرحوها عند الغداة إلى المراعي المعشوشبة وعرجوا على الأفنية والبيوت رغت الإبل وخارت البقر وثغت الشاء فتجاوب ذلك كله مع صياح الصبيان وحديث العقائل والأوانس وهن يتهادين متخطرات متوثبات شمل الفرح الجميع، ورقصت النعمة، ورفرفت السعادة وقدم الإراحة على التسريح لأن الجمال في الإراحة أكثر تقبل وهي ملأى البطون حافلة الضروع معسولة الحلب.
2- المجاز المرسل في قوله: {فإذا هو خصيم مبين} لأن الفاء تدل على التعقيب وكونه خصيما مبينا لا يكون عقب خلقه من نطفة ولكنه إشارة إلى ما تؤول إليه حاله فهو مجاز مرسل والعلاقة اعتبار ما سيكون كقوله تعالى: {إني أراني أعصر خمرا} أي عنبا يئول إلى الخمر.

.[سورة النحل: الآيات 10- 17]

{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماء ماء لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12) وَما ذَرَأَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (13) وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14) وأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (15) وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ (16) أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (17)}.

.اللغة:

{تُسِيمُونَ} ترعون دوابكم من سامت الماشية إذا رعت فهي سائمة وأسامها صاحبها وهي من السومة وهي العلامة لأنها تؤثر بالرعي علامات في الأرض.
قال السيوطي: لم يأت اسم المفعول من أفعل على فاعل إلا في حرف واحد وهو قول العرب: أسمت الماشية من المرعى فهي سائمة ولم يقولوا مسامة وقوله تعالى: {فيه تسيمون} من أسام يسيم واجب المراد أسمتها أنا فسامت هي فهي سائمة كما تقول: أدخلته الدار فدخل فهو داخل.
{ذَرَأَ} خلق وذرأنا الأرض وذروناها: بذرناها وذرأ اللّه الخلق وبرأ ومن الذارىء البارئ سواه واللهم لك الذّرء والبرء، ومنك السّقم والبرء، وقد علته ذرأة وهي بياض الشيب أول ما يبدو في الفودين وقد ذرىء رأسه ذرءا ورجل أذرأ وامرأة ذرءاء بيضاء الرأس أو بيضاء الوجه قال:
فمرّ ولما تسخن الشمس غدوة ** بذرءاء تدري كيف تمشي المنائح

أي منحت كثيرا فاعتادت ذلك فهي تسامح بالمشي لا تأبى.
{طَرِيًّا} الطراوة ضد اليبوسة أي غضا جديدا ويقال طريت كذا أي جددته وفي المصباح: طرو الشيء وزان قرب فهو طري أي غضّ بين الطراوة وطرىء بالهمز وزان تعب لغة فهو طريء بين الطراوة وطرأ فلان علينا يطرأ مهموز بفتحتين طروءا طلع فهو طارئ وطرأ الشيء يطرأ أيضا طرآنا مهموز حصل بغتة فهو طارئ وأطريت العسل بالياء عقدته وأطريت فلانا مدحته بأحسن ما فيه وستأتي النكتة في وصف اللحم بالطراوة أو الطراءة في باب البلاغة.
{حِلْيَةً} في المصباح: حلي الشيء بعيني وبصدري يحلى من باب تعب حسن عندي وأعجبني وحليت المرأة حليا ساكن اللام لبست الحلي وجمعه حلي والأصل على فعول مثل فلس وفلوس والحلية بالكسر الصفة والجمع حلى مقصور وتضم الحاء وتكسر وحلية السيف زينته، قال ابن فارس: ولا تجمع وتحلت المرأة لبست الحلي أو اتخذته وحليتها بالتشديد ألبستها الحلي أو اتخذته لها لتلبسه وحليت السويق جعلت فيه شيئا حلوا حتى حلا وفي القاموس وشرحه وغيرهما: الحلي وجمعه حلي وحليّ والحلية وجمعها حليّ وحلى على غير القياس ما يزين به من مصوغ المعدنيات أو الحجارة الكريمة وقول بعض المفسرين: اللؤلؤ والمرجان تفسير معنى للحلية لا تفسير لغة والمراد بلبسهم لبس نسائهم لأنهن من جملتهم ولأنهن إنما يتزين من أجلهم فكأنها زينتهم ولباسهم.
{مَواخِرَ} جواري والمخر شق الماء بحيزومها وعن الفراء هو صوت جري الفلك بالرياح وفي المختار: مخرت السفينة من باب قطع ودخل جرت تشق الماء مع صوت ومنه قوله تعالى: {وترى الفلك مواخر فيه} أي جواري وفي الأساس: فلك مواخر تمخر الماء تشقه مع صوت ونشأت بنات مخر وهي سحاب الصيف تمخر الجو مخرا واستمخرت الريح استقبلتها بأنفي وخرجت أتمخر الريح وأستنشئها ومخرت الأرض مخرا سقيتها لتطيب.
{تَمِيدَ} تميل بكم وفي المختار: ماد الشيء يميد ميدا من باب باع ومادت الأغصان والأشجار تمايلت وماد الرجل: تبختر وفي القاموس: ماد يميد ميدا وميدانا تحرك وزاغ والسراب اضطرب والرجل تبختر وأصابه غثيان ودوار من سكر أو ركوب بحر ومنه المائدة: الطعام والخوان عليه الطعام كالميدة فيهما {عَلاماتٍ} جمع علامة ففي المصباح: وأعلمت على كذا بالألف من الكتاب وغيره جعلت عليه علامة وأعلمت الثوب جعلت له علما من طراز وغيره وهو العلامة وجمع العلم أعلام وجمع العلامة علامات وعلمت له علامة بالتشديد وضعت له أمارة يعرفها.

.الإعراب:

{هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماء ماء لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ} هو مبتدأ والذي خبره وجملة أنزل صلة ومن السماء جار ومجرور متعلقان بأنزل وماء مفعول به ولكم خبر مقدم ومنه متعلقان بمحذوف حال من شراب وشراب مبتدأ مؤخر والجملة صفة لماء ومنه شراب جملة مستأنفة متألفة من خبر مقدم ومبتدأ مؤخر وفيه متعلقان بتسيمون وجملة تسيمون صفة لشجر والباء للسببية أي بسببه ينبت الشجر. {يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ} ينبت فعل مضارع والفاعل مستتر تقديره هو ولكم متعلقان بينبت وبه متعلقان بينبت أيضا والباء للسببية والزرع مفعول به والزيتون والنخيل والأعناب عطف على الزرع ومن كل الثمرات عطف على ما تقدم أيضا ومن تبعيضية أي وبعض كل الثمرات.
{إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} إن حرف مشبه بالفعل وفي ذلك خبرها المقدم واللام المزحلقة وآية اسم إن المؤخر ولقوم صفة لآية وجملة يتفكرون صفة لقوم. {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} وسخر لكم الليل فعل وفاعل مستتر ومفعول به ولكم متعلقان بسخر والشمس والقمر معطوفان على الليل والنهار. {وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ} الواو عاطفة والنجوم مبتدأ ومسخرات خبر والجملة عطف على الجملة السابقة وبأمره متعلقان بمسخرات. {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} تقدم اعراب نظيرتها. {وَما ذَرَأَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفًا أَلْوانُهُ} الواو عاطفة وما عطف على الليل والنهار يعني ما خلق فيها من حيوان ونبات وجماد ويجوز أن تنصبه بفعل محذوف أي وخلق وأنبت والمعنى واحد ولكم متعلقان بذرأ وفي الأرض متعلقان بذرأ أيضا ومختلفا حال وألوانه فاعل مختلفا. {إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} تقدم اعرابها.
{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} الواو عاطفة وهو مبتدأ والذي خبر وجملة سخر صلة والبحر مفعول به ولتأكلوا اللام للتعليل وتأكلوا فعل مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل والجار والمجرور متعلقان بسخر ومنه متعلقان بتأكلوا ولحما مفعول به وطريا صفة. {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها} وتستخرجوا عطف على لتأكلوا ومنه متعلقان بتستخرجوا وحلية مفعول به وجملة تلبسونها صفة لحلية. {وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} الواو اعتراضية وترى الفلك فعل وفاعل مستتر ومفعول به والجملة معترضة ومواخر حال لأن الرؤية بصرية وفيه متعلقان بمواخر ولتبتغوا عطف على لتأكلوا ولعل واسمها وجملة تشكرون خبرها.
{وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ} وألقى عطف على وسخر وفي الأرض متعلقان بألقى ورواسي صفة لمفعول به محذوف أي جبالا رواسي وأن وما في حيزها مفعول لأجله أي كراهة أن تميل بكم وتضطرب كالمائد الذي يدار به إذا ركب البحر وبكم متعلقان بتميد.
{وَأَنْهارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} وأنهارا وسبلا عطف على رواسي أو مفعول به لفعل محذوف والتقدير وجعل فيها لأن ألقى فيه معنى جعل قال تعالى: {ألم نجعل الأرض مهادا والجبال أوتادا} ولعل واسمها وجملة تهتدون خبرها. {وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} وعلامات عطف على أنهارا وسبلا وبالنجم متعلقان بيهتدون وهم مبتدأ وجملة يهتدون خبره وقال ابن عطية: وعلامات نصب كالمصدر أي فعل هذه الأشياء لعلكم تعتبرون بها وعلامات أي عبرة واعلاما في كل سلوك فقد يهتدى بالجبال والأنهر وبالسبل، وهذا كلام غير مفهوم ولعل أبا البقاء كان على حق حين أعربها مفعولا لفعل محذوف أي ووضع فيها علامات.
{أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} الهمزة للاستفهام الانكاري والفاء عاطفة على محذوف ومن مبتدأ وجملة يخلق صلة والكاف خبر من وجملة لا يخلق صلة لمن الثانية والهمزة انكار ثان والفاء عاطفة ولا نافية وتذكرون أصله تتذكرون فحذفت إحدى التاءين.